كبسولات نفسيه الشخص النرجسي كتبت د/غادة حجاج



 العلاقات مع الشخص النرجسي لا تُبنى على التبادل أو المشاركة كما هو الحال في العلاقات الصحية، بل على مسرحية نفسية يكون فيها النرجسي البطل الوحيد، بينما يُجبر الآخرون على التصفيق له..

فالنرجسي لا يعيش الواقع كما هو، بل يعيش داخل وهم نفسيّ صاغه بدقة ليحافظ على صورته المثالية التي بناها منذ الطفولة لحماية نفسه من جرح داخلي عميق غالبًا جرح الرفض أو الإهمال..


من أبرز آليات الدفاع التي يستخدمها النرجسي هي الإسقاط، وهي آلية وصفها فرويد بأنها نقل مشاعر أو صفات داخلية غير مقبولة إلى الآخر، بهدف تجنب مواجهتها في الذات..

فالنرجسي لا يرى كذبه، ولا ضعفه، ولا غضبه، بل يُسقطها على شريكه أو ضحيته، ويقنع نفسه بأنه هو النقيّ والمثالي، بينما الآخر هو “المشكلة”..

بهذا الشكل، يتخلّص من الشعور بالذنب أو النقص، ويستمر في الحفاظ على صورته المتخيلة “الكاملة”..


الضحية في العلاقة النرجسية تتحول تدريجيًا إلى مرآة تعكس له صورته الزائفة..

كلما ازداد ضعف النرجسي الداخلي، احتاج أكثر إلى هذه المرآة لتثبيت ذاته..لكن حين تبدأ الضحية في التوقف عن التصفيق أو في المطالبة بحقها، يُصاب بالذعر ويبدأ هجومه الإسقاطي يتهمها بأنها السبب في كل خلل، بأنها المتقلبة أو القاسية أو الخائنة، في حين أنه هو من يمارس هذه السلوكيات..


اللوم عند النرجسي ليس تعبيرًا عن نقد أو وعي، بل هو سلاح دفاعي..

هو يحمّل ضحيته كل ما يشعر به من فشل أو هشاشة داخلية..اللوم بالنسبة له وسيلة للسيطرة، ولإقناع نفسه بأنه “صحيح دائمًا” وأن الآخر هو السبب في انهيار العلاقة..

هكذا، يبقى النرجسي في مأمن من مواجهة ذاته الحقيقية، بينما تتحمل الضحية عبء خطاياه النفسية..


التحرر يبدأ عندما تدرك الضحية أن الاتهامات ليست موجهة إلى حقيقتها، بل إلى الظلّ النفسي للنرجسي..

الوعي هنا هو خط الدفاع الأول:

ارفض أن تكون انعكاسًا لعيوبه..

 ارفض أن تُحمّل ذنوبه أو فشله..

 افهم أن اللوم ليس دليلًا على حقيقتك، بل على خوفه من مواجهة ذاته..


حين تتوقف عن لعب دور “المرآة المثالية”، يبدأ النرجسي في فقدان توازنه، لأن عالمه الداخلي قائم فقط على تصديق الوهم لا على مواجهة الحقيقة..


النرجسي يعيش في انقسام نفسي بين ذات مثالية وظلّ منكر، وكلما حاولت الضحية أن تراه على حقيقته، ازداد عنف دفاعاته..

العلاج الحقيقي هنا ليس في إصلاح النرجسي، بل في تحرير الضحية من التماهي مع صورته عنها..

فالوعي هو النجاة من اللعبة..

Post a Comment

أحدث أقدم