زواج الأجانب في مصر.. بين القانون والواقع وخطر الاستغلال
بقلم: المستشار/ أحمد محمد أبوزيد
مستشار قانوني ومحامٍ بالنقض والإداريه العليا
يُعد زواج الأجانب من المصريين أحد الموضوعات القانونية والمجتمعية التي تثير الجدل المتجدد في مصر. فرغم مشروعيته القانونية، فإنه تحوّل في بعض الحالات إلى باب خلفي للتهرب من القانون، أو أداة لتحقيق مصالح شخصية على حساب حقوق الطرف الأضعف — وغالبًا ما تكون المرأة المصرية.
من الناحية الشكلية، حدد القانون المصري شروطًا واضحة لهذا الزواج، ونظمه من خلال مكتب توثيق زواج الأجانب التابع لوزارة العدل، وهو المكتب الرسمي الذي يُشرف على إتمام الإجراءات القانونية، ويضمن صحة العقد من الناحية الشكلية.
⚖️ الشروط القانونية لزواج الأجانب في مصر:
وفقًا للقانون المصري، يشترط لعقد الزواج بين مصري وأجنبي ما يلي:
• أن يكون سن الزوجين 18 عامًا على الأقل.
• تقديم شهادة عدم ممانعة من سفارة الطرف الأجنبي.
• ألا يزيد فرق السن بين الطرفين عن 25 عامًا، وإن وُجد، تُطلب موافقة خاصة.
• تقديم ما يفيد القدرة المالية للطرف الأجنبي.
• الحضور الشخصي للطرفين أمام مكتب التوثيق الرسمي.
هذه الشروط تهدف إلى حماية الطرف المصري من الخداع أو الاستغلال، خصوصًا في الحالات التي قد يتم فيها التلاعب باسم “الزواج السياحي” أو الزواج المؤقت.
كما يؤكد المستشار أحمد محمد أبوزيد أن القانون المصري لم يُقصّر في وضع الإطار العام لضمان سلامة هذا النوع من الزواج، لكن المشكلة تكمن في ضعف الرقابة على التنفيذ، وغياب الوعي لدى المواطنين.
ويضيف:
“الكارثة ليست في زواج الأجنبي من مصرية أو العكس، بل في غياب الإدراك القانوني عند الطرف المصري، واستغلال بعض الجهات لهذا الجهل لتحقيق مكاسب غير مشروعة، أحيانًا تصل لدرجة الاتجار بالبشر أو استغلال القاصرات.”
كما يرى أن بعض حالات زواج الأجانب تتم خارج الإطار الرسمي، بمساعدة سماسرة زواج أو مكاتب وهمية، وتكون النتيجة:
• ضياع حقوق المرأة.
• أطفال بلا نسب أو جنسية واضحة.
• استحالة تنفيذ أي حكم قانوني إذا غادر الزوج البلاد.
ويشدد على أن:
“الزواج مشروع إنساني وقانوني نبيل، لكن إذا تحوّل إلى وسيلة استغلال، يصبح عبئًا قانونيًا واجتماعيًا وأخلاقيًا.”
كما أن الواقع المجتمعي ومخاطر قائمة:
رغم أن هناك زواجات ناجحة بين مصريين وأجانب قائمة على التفاهم والاحترام المتبادل، إلا أن هناك حالات مؤسفة تستغل فيها الفتيات — خاصة في المناطق الفقيرة — تحت وهم المال أو الهجرة، ثم تُترك بلا حماية.
ومن أبرز المخاطر:
• زواج القاصرات من رجال أجانب أكبر سنًا بمقابل مادي.
• الزواج الصوري للحصول على الإقامة أو التهرب الضريبي.
• توثيق عقود زواج غير قانونية خارج مصر ثم المطالبة بإثباتها لاحقًا.
والسؤال هنا كيف نحمي المجتمع؟
يرى المستشار أحمد أبوزيد أن الحل يتطلب تضافرًا بين التشريع والتوعية والرقابة:
1. تشديد العقوبات على أي جهة وسيطة تروّج لزواج وهمي أو بمقابل مادي.
2. تعديل تشريعي يُجرّم الزواج غير الموثق داخل مصر، ويمنع اعتماده لاحقًا إلا بشروط صارمة.
3. حضور محامٍ إلزامي وقت التوثيق لشرح حقوق الطرف المصري القانونية.
4. إطلاق حملات توعية في المحافظات، خاصة بين الأسر التي تقع ضحية فقر الجهل أكثر من فقر المال.
في الختام:
زواج الأجانب في مصر ليس جريمة… بل هو باب مفتوح للتلاقي الثقافي والتكامل الإنساني، إذا تم وفقًا للقانون وبإرادة حرة.
لكن حين يتحول الزواج إلى وسيلة استغلال أو تهرّب أو بيع موهّن لكرامة الإنسان، فلابد أن يتدخل القانون بحسم، ويقف المجتمع كله سدًا منيعًا ضد هذه الانحرافات.
العدالة لا تُبنى بالقوانين فقط… بل بالوعي، والرقابة، والكرامة الإنسانية

إرسال تعليق